بدأت الدراسة في قسم علم الاجتماع والعمل الاجتماعي مع افتتاح كلية الآداب والعلوم الاجتماعية بجامعة السلطان قابوس في العام الأكاديمي 1987. وخلال ما يربو على ثلاثة عقود من العمل الدؤوب والبحث والابتكار والانفتاح على المجتمع العماني ومواكبة التغيرات الاجتماعية المتسارعة، أسهم القسم مدفوعًا بروح العلم والابتكار والتميز في رفد المجتمع العماني بمئات من الباحثين والأخصائيين الاجتماعيين الأكفاء الذين شاركوا وما يزالون في تنمية المجتمع العماني.
ويضم القسم تخصصين مرتبطين ومتكاملين عضويًا ووظيفيًا، هما: علم الاجتماع، والعمل الاجتماعي، وهما العلمين الأكثر ارتباطًا بالقضايا الاجتماعية للمجتمعات المعاصرة، وهما تخصصين يركزان على تحقيق الرفاه الاجتماعي، وتحسين جودة الحياة، وتحقيق التنمية المستدامة التي يصبو إليها المجتمع. ويقدم القسم عددًا من البرامج الدراسية على مستوى البكالوريوس والماجستير، ويستقطب نخبة من الأساتذة الأكاديميين والباحثين المتميزين في كلا التخصصين من عمان والوطن العربي، كما يضم أيضًا أكاديميين متميزين في تخصص الفلسفة، وهو ما أسهم في إثراء تجربة القسم على المستوى المعرفي والمنهجي في التعامل مع قضايا المجتمع، وتكوين رؤية اجتماعية وفلسفية متكاملة.
أما تخصص "علم الاجتماع"، فقد كانت بداياته كعلم وضعي مع أوائل القرن التاسع عشر في أوروبا، وبخاصة في فرنسا، وكان موضوعه المجتمع والإنسان، ويهدف إلى الدراسة الموضوعية لكل ما يتصل بالإنسان بحسبانه كائنًا اجتماعيًا، محاولًا فهم سلوكياته، كما يهتم بدراسة الظواهر والنظم الاجتماعية، والعلاقات بين أفراده وأنساقه دراسة علمية وصفية تحليلية ونقدية. ويجب الإشارة في هذا الإطار إلى إسهامات العلامة العربي "ابن خلدون" ودوره في نشأة هذا العلم، ثم تطوره بعد ذلك على يد عدد من العلماء الأوروبيين، أهمهم "أوجست كونت"، والذي يعد المؤسس الأول لعلم الاجتماع الحديث.
ويركز تخصص علم الاجتماع في القسم على إعداد جيل من الباحثين الاجتماعيين الأكفاء في الحقل السوسيولوجي، يمتلكون القدرات المعرفية والمنهجية لدراسة كل ما يتعلق بالمجتمع العماني، ودراسة تنظيمات وأنساق وثقافة وقيم المجتمع وبرامجه الخاصة بالتنمية الاجتماعية والمستدامة. كما يركز القسم على إعداد جيل قادر على استخدام أسس البحث العلمي ومناهجه ومهاراته في انتاج المعرفة وتطويرها وتوظيفها لخدمة المجتمع وقضاياه والبحث عن الحلول الناجعة لحل مشكلاته.
أما التخصص الثاني في القسم فهو "العمل الاجتماعي" (والذي يطلق عليه أيضًا الخدمة الاجتماعية) وهو علم تطبيقي ومهنة إنسانية تتكامل وظيفيًا مع تخصص علم الاجتماع. وترجع البدايات الأولى لظهور العمل الاجتماعي إلى العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر في أوروبا والولايات المتحدة في إطار حركات الرعاية الاجتماعية والاصلاح الاجتماعي. وبحلول النصف الأول من القرن العشرين، أصبح العمل الاجتماعي مهنة معترف بها عالميًا، تلامس احتياجات البشر وتقدم لهم الكثير من الخدمات الاجتماعية التي يحتاجون إليها؛ ولذلك، فقد فوضت كثير من المجتمعات هذا التخصص وممثليه من الأخصائيين الاجتماعيين لإدارة برامج الرعاية الاجتماعية، وتقديم مدى واسع من الخدمات الإنسانية والاجتماعية لأفراد المجتمع وجماعاته، والإسهام في دراسة مشكلات المجتمع ووضع برامج التدخل الفعالة لمواجهة تلك المشكلات.
وقد بدأ البرنامج الدراسي لتخصص العمل الاجتماعي في العام الأكاديمي 2001، وتخرج في هذا التخصص مئات من الأخصائيين الاجتماعيين الذين يعملون حاليًا في مختلف مؤسسات المجتمع العماني ويقدمون، إلى جانب الباحثين الاجتماعيين من تخصص علم الاجتماع، خدمات اجتماعية متعددة لعشرات الآلاف من الأفراد والأسر والفئات التي تحتاج إلى الدعم والمساندة كالأطفال والأحداث والمراهقين والشباب والنساء والأسر التي تعاني من مشكلات اجتماعية أو اقتصادية، والمسنين، والمرضى، وذوي الاحتياجات الخاصة، كما يضعون خطط التدخل المهني على المستوى الوقائي والعلاجي والتنموي للتصدي لقضايا المجتمع ومشكلاته.
ولقد أسهم القسم بتخصصيه في رسم السياسات الاجتماعية التي تستهدف معالجة قضايا المجتمع العماني وتحدياته، كما شارك في الجهود الجبارة التي تبذلها السلطنة لرفعة المواطن العماني، تلك الجهود التي أثمرت عن تبوء السلطنة لترتيب متقدم في دليل التنمية البشرية. ولا يزال القسم يواصل مواكبة متطلبات التنمية من خلال تطوير خططه الدراسية، وطرح ورش عمل ودورات تدريبية لرفع كفاءة الباحثين والأخصائيين الاجتماعيين، والالتزام بمعايير الجودة والاعتماد الأكاديمي، والحصول على الاعتماد الأكاديمي لبرامجه الدراسية على مستوى البكالوريوس والماجستير، وإعداده لبرنامج الدكتوراه الذي اقتراب موعد تدشينه.
ويرحب القسم بجميع الطلبة الراغبين في دراسة تخصص علم الاجتماع أو العمل الاجتماعي، ممن يرغبون في الانخراط في العمل الإنساني والاجتماعي. وفي هذا الإطار، يجدد القسم التزامه بمواصلة العمل على مواجهة التحديات الكبرى التي يشهدها المجتمع العماني، والإسهام في تحقيق أهدافه القومية الطموحة كما حددتها رؤية عمان 2040.