جديد البحث العلمي
30Jun

توظيف البحث العلمي لاستثمار فرص وسائل التواصل الاجتماعي

30 Jun, 2020 | Return|

في حوار مع الـ أ.د عبدالله الكندي: توظيف البحث العلمي لاستثمار فرص وسائل التواصل الاجتماعي

 

1999م بداية الاستخدام الجماهيري لهذه الشبكات في السلطنة

تؤثر إيجابًا وسلبًا على وسائل الإعلام التقليدي

كلما تمكّن الإعلاميون من طرح قضايا حساسة ومسكوت عنها، توسعت مساحة الحرية

طرح مقررات ذات صلة بها..وحوالي 15 دراسة تناولتها

على الباحث فهم الأطر النظرية والبحثية المتعلقة بتطورها

 

أظهرت نتائج استطلاع نشرها مركز الإحصاء والمعلومات مؤخرًا أن المتوسط اليومي لاستخدام العُمانيين لوسائل التواصل الاجتماعي بلغ ست (6) ساعات، في مشهدٍ يوضح مدى انتشار هذه الوسائل لدى فئات مختلفة من المجتمع.

وصحيحٌ أن انتشار هذه الوسائل سيكون له فوائدُ مباشرة وغير مباشرة، سواءً على الفرد نفسه أو على المجتمع بشكل عام، لكن في المقابل ستصحبه ظواهرٌ تحتاج إلى دراسات تفسّرها، وتطرح حلولًا للحد من آثارها السلبية.

ولأن جامعة السلطان قابوس تزخر ببيئة بحثية فإن موضوع وسائل التواصل الاجتماعي لم يغب عن باحثيها وأكاديمييها. وسنتعرف في السطور القادمة بشكل أكثر تفصيلًا على هذه الوسائل، وتأثير انتشارها، وأبرز الدراسات التي أُجريت في الجامعة حولها، عبر حوارٍ مع الأستاذ الدكتور عبدالله بن خميس الكندي أستاذ الصحافة والنشر الإلكتروني في قسم الإعلام.

  1. دكتور: ما سبب ظهور وسائل التواصل الاجتماعي في العالم، وما الذي أسهم في انتشارها؟

وسائل التواصل الاجتماعي جزءٌ من ثورة معلوماتية واتصالية اجتاحت العالم منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين، الذي أطلق عليه بعض الباحثين قرن "الثورة التكنولوجية"، وفي تلك الفترة أيضا ظهر مصطلح "القرية الكونية" على يد عالم الاتصال الكندي مارشال ماكلوهان الذي كان يتوقع أن تكنولوجيا الاتصال القادمة ستقود إلى تقارب بشري غير مسبوق، وأن وسائل الإعلام سوف تستثمر تلك التكنولوجيا لتحقيق ذلك التقارب. وتجلت تأثيرات الثورة التكنولوجية بشكل أكبر في القرن الحادي والعشرين على شكل برمجيات وتطبيقات أصبحت معها وسائل الاتصال الجماهيرية عابرة للحدود الزمانية والمكانية. وينبغي التذكير هنا أيضًا أن التجارب والتطبيقات الأولى لشبكة الإنترنت بدأت في العقد السابع من القرن العشرين؛ وهي التي مثلت قاعدة الانطلاق لكل التطبيقات الاتصالية التي نتابعها اليوم. لقد كانت شبكة الإنترنت المحرك الأساس لكل نتاجات الثورة المعلوماتية المعاصرة، وهي من وجهة نظري تشابه في مكانتها وأهميتها ودورها المحوري، دور المطبعة ومكانتها، حيث انطلق العالم بعد اختراعها في القرن الخامس عشر على يد الألماني يوحنا جوتنبرغ إلى حركة تنوير شاملة قادت إلى تغيرات حضارية وثقافية هائلة وكبيرة على مستوى العالم. وانسجامًا مع تلك الأهمية التي مثلتها المطبعة أطلق عالم الاتصال ماكلوهان على أحد كتبه الصادرة عام 1962 عنوان "كوكب جوتنبرغ" ، ويمكننا في المقابل أن نطلق على كوكبنا الذي نعيش عليه بـ "كوكب الإنترنت" ؛ اعترافًا بمكانة هذه الشبكة وأهميتها في التطبيقات الاتصالية المختلفة التي تستخدمها البشرية اليوم وتعتمد عليها بشكل كبير في الكثير من تفاصيل حياتها، لدرجة أن البعض أصبح يتصور أننا نعيش منذ نهايات القرن العشرين إلى اليوم عصرًا جديدًا يطلق عليه عالم الاتصال توماس ماكفيل "عصر الاستعمار الإلكتروني".

 

  1. على مستوى السلطنة، متى ظهرت هذه الوسائل، وهل استطاعت أخذ حيّز كبير أم لا تزال لم تصل إلى الذروة؟

ارتبط ظهور وسائل التواصل الاجتماعي كشبكات تواصل افتراضية بجيلين من التقنيات تعرف اصطلاحًا بـ ويب 1.0ثم ويب 2.0، وهذه الأخيرة كانت ولا تزال الأقوى والأكثر تأثيرًا، ويعرفها تيم أورلي بأنها الجيل الثاني من مواقع وخدمات الإنترنت والتي عملت على تحويل الإنترنت إلى منصة تشغيل للعملبدلا من كونها مواقع فقط وتعتمد في تكوينها على الشبكات الاجتماعية وغيرها من التطبيقات والصفحات التي يستطيع زائر الموقع التعديل عليها، وتسمح للمستخدمين بالتفاعل فيما بينهم من خلالها. على مستوى العالم، يُعدّ موقع Classmates الذي تأسس عام 1995، أول شبكة تواصل افتراضية، ثم تأسس بعده موقع Six Degrees.com عام 1997. أما شبكات التواصل الافتراضية الأكثر شعبية في العالم اليوم، فظهرت في الفترة من 2002-2005، حيث ظهر موقع Facebook عام 2004 ويوتيوب عام 2005، وتويتر عام 2006. 

وفي السلطنة فقد بدأ الاستخدام الجماهيري لهذه الشبكات على شكل منتديات إلكترونية مفتوحة عام 1999م، ثم على شكل مدونات شخصية للأفراد، أما وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية اليوم مثل واتس اب وفيس بوك وتويتر  فبدأ استخدامها وانتشارها بشكل واسع في السلطنة عام 2011. وتشير بعض الإحصائيات الدولية إلى أن أعداد مستخدمي الإنترنت في السلطنة بلغ في نهاية يناير 2019م قرابة 3.780.000 أي ما يمثل 77% من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 4.920.000 نسمة. أما وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا واستخداما في السلطنة فيأتي في مقدمتها فيسبوك بحوالي 1.800.000 مستخدم من إجمالي عدد مستخدمي الإنترنت في السلطنة، ثم الانستجرام بعدد 1.200.000 مستخدم، ثم تويتر بحوالي 882.000 مستخدم (موقع Hootsuite. We are social).

أما بالنسبة لفكرة الحيز الذي تشغله وسائل التواصل الاجتماعي ومستوى التأثير الذي يمكن أن تحدثه إيجابًا أم سلبا، فترتبط من وجهة نظري بأعداد المستخدمين أو الأعضاء النشطين في هذه الوسائل، وبنوعية الموضوعات ودرجة مصداقيتها فترة بعد أخرى؛ ففي السلطنة كما في غيرها من العديد من دول العالم يتزايد أعداد مستخدمي هذه الوسائل فترة بعد أخرى، كما يتعمق استخدامها في مجالات التعليم والأعمال والخدمات وغيرها. لكن بالنسبة لنا في السلطنة لم تصل هذه الوسائل بعد إلى ذورة الاستخدام؛ لأن أعداد المستخدمين النشطين الذين يمكن التعويل عليهم وعلى ما يطرحونه من موضوعات يظل قليلا ومتواضعا لأن أغلبيتهم يقعون في خانة المستهلكين السلبيين لهذه الوسائل وما تقدمه من موضوعات، حيث تقتصر أغلب أدوراهم على إعادة نشر ما تم إنتاجه أو الإعجاب به أو حتى متابعته بدون أي نوع من التفاعل. كما أن فكرة ذروة الاستخدام، ومتى يصل إليها مجتمع من المجتمعات أو حتى المستهلك الفرد، لا أعتقد أنها واضحة أو يمكن قياسها وتحديدها بشكل معياري وصارم في هذا النوع من الوسائل، لأنها متغيرة ومتجددة باستمرار، وزمن استخدامها، وأبرز الموضوعات التي يتم استخدامها هي الأخرى متغيرة. وهذه الوسائل بطبيعتها لا تشعر المستخدم -أفرادًا أو مجموعات- بأن لها ذورة استخدام يصل إليها وينتهي أو يتراجع بعدها.

 

 

  1. كيف أثّرت هذه الوسائل على الإعلام التقليدي الرسمي والخاص، وهل نستطيع القول بأنها أصبحت بديلًا عنه؟

 

أعتقد أن هذه الوسائل تؤثر إيجابيًا وسلبيًا في ذات الوقت على وسائل الإعلام التقليدي -الحكومي والخاص. في الجانب الإيجابي قد ترفع وسائل التواصل الاجتماعي من حدة المنافسة بين وسائل الاتصال والتواصل قديمها وجديدها الأمر الذي يؤدي إلى الاهتمام بجودة الرسالة الإعلامية وتنويعها وتعددها وتحقيق أهدافها لكسب أعداد أكبر من الجماهير. ويقتضي هذا التأثير الإيجابي فهمًا أعمق لخصائص هذه الوسائل وطبيعة وصولها وتأثيرها. في الجانب السلبي أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي سحبت -ولا تزال- قطاعًا كبيرًا من الجمهور الذي يمكن أن يرى في وسائل التواصل الاجتماعي مساحة خاصة به بل وسيلته الفردية للحوار مع قطاع كبير من الجمهور. وهذا التحول لن يكون بمرور وقت لصالح وسائل الإعلام التقليدية، التي ستفقد علاقات الولاء بجمهور يتابعها ويثق في رسالتها، وتبعًا لذلك تخسر المزيد من المعلنين الذين ترتبط علاقاتهم بوسائل الإعلام عمومًا بدرجة حضورها الجماهيري وتأثيرها ودرجة مصداقيتها؛ لأن الإعلان بالنسبة للمعلن من الناحيتين الاتصالية والإدارية يرتبط بمستوى قوة الوسيلة الإعلامية وحضورها وليس صدقة أو منحة دعم مجاني تساعد هذه الوسيلة أو تلك من أجل البقاء والاستمرار.

 

  1. هناك من يرى بأن هذه الوسائل ستفتح بابًا من الحرية قد تكون مطلقةً ولا يُمكن السيطرة عليها، ما رأيك دكتور؟ وكيف يُمكن إثبات عكس ذلك؟ 

 

من وجهة نظري كان ولا يزال مصطلح "الحرية المطلقة" في استخدام وسائل الإعلام التقليدية مصطلحًا جدليًا وإشكاليًا ونسبيًا من مجتمع إلى آخر ومن ثقافة إلى أخرى، أضف إلى ذلك أنه غير واقعي من حيث الممارسة والفعل. ما يحدث أن الحرية سقف يرتفع أو يضيق بممارسات وأحداث وقضايا معينة ومستوى مبادرات المشتغلين بالحقل الإعلامي، وبلغة فيزياء "الأفكار"؛ كلما تمكن الإعلاميون والصحفيون من تقديم مبادرات غير مسبوقة وطرح قضايا حساسة ومسكوت عنها سابقا، توسعت مساحة الحرية، لكن هذا لا يعني الوصول إلى المطلق، الذي لا يصل إليه عادة المشتغلون بالأفكار، التي لا مطلق لها. وعندما انتشرت وسائل التواصل الاجتماعي المعاصرة اعتقد الكثير من مستخدمي هذه الوسائل والناشطين فيها بفكرة "الحرية المطلقة" لأنهم باختصار وجدوا فيها مساحة أوسع. وينبغي التشجيع على استخدام هذه المساحة وتوسيع سقفها المتاح اليوم، لكن بقواعد أساسية ترتبط بحقوق الأفراد وواجباتهم تجاه بعضهم البعض، وشروط تعايش يحفظ السلم الاجتماعي، ويجنب المجتمع انتشار الجريمة بمختلف أشكالها. ويمكن الرهان على ثالوث "التعليم" و "الوعي المجتمعي" و "منظومة القوانين والتشريعات" لتحقيق فوائد أكثر من المساحة التي تتيحها وسائل التواصل الاجتماعي اليوم ومستقبلا.

 

  1. ما الممارسات التي ينبغي على الجهات خصوصًا الرسمية القيام بها للتواكب مع هذه الوسائل؟

 

تؤكد المؤشرات أن المؤسسات الرسمية وغير الرسمية في السلطنة كثّفت في الفترة الأخيرة من اعتمادها على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أسس الكثير منها حسابات على هذه الوسائل للتواصل مع الجمهور، لكن تبقى درجة الاستخدام ومستوى الموضوعات المطروحة في هذه الشبكات ودرجة تفاعل المؤسسات مع ما يطرح من موضوعات متفاوتًا من مؤسسة إلى أخرى، وهذا أمر متوقع وسوف يتطور مستقبلا مع تراكم التجربة وزيادة الثقة في هذه الوسائل. على المستوى التنظيمي والتشريعي تنشط هيئة تنظيم الاتصالات في تطوير الأطر القانونية والتنظيمية المتعلقة بتشغيل وإدارة هذه الوسائل، كما تنشط الهيئة مع هيئة تقنية المعلومات في برامج التوعية بمخاطر أو سلبيات استخدام هذه الوسائل خاصة على فئة الأطفال.

 

  1. هل من جهود لقسم الإعلام في جامعة السلطان قابوس مع موضوع "وسائل التواصل الاجتماعي" تدريسًا وبحثًا، وما أبرز الدراسات التي قام بها الأكاديميون في القسم أو طلبة الدراسات العليا؟

 

يطرح قسم الإعلام ضمن برنامج البكالوريوس عددًا من المقررات ذات الصلة بوسائل التواصل الاجتماعي، لكن لا يوجد برنامج كامل ومستقل عنها. وعلى اعتبار أن هذه الوسائل ترتبط بشكل كبير بوسائل الإعلام التقليدية من صحافة وإذاعة وتليفزيون وأنشطة علاقات عامة وإعلان، يمكن التفكير في زيادة المقررات المتعلقة بوسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها المرتبطة بالوسائل التقليدية بدلًا من التوجه إلى تخصص بعينه في مجال شبكات التواصل الاجتماعي. في الجانب الباحث، أنتج طلاب الدراسات العليا بالقسم ما يقرب من 15 رسالة على مستوى الماجستير تناولت وسائل التواصل الاجتماعي والظواهر المرتبطة بها على مستوى السلطنة. ويعد هذا المجال من المجالات البحثية الجاذبة للطلاب والباحثين باعتبار القضايا والظواهر المرتبطة به ظواهر جديدة وأصيلة غير مسبوقة. كما أن تأثيراتها متشعبة على المؤسسات والأفراد وعلى العمل الإعلامي بشكل عام. أيضًا نشر بعض الأساتذة الزملاء في قسم الإعلام بحوثا في هذا المجال، وأشترك شخصيًا منذ سنتين في بحث منحة بحث استراتيجي ممول من المكرمة السامية لجلالة السلطان قابوس بن سعيد بعنوان "تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على حياة الشباب العماني". وإلى جانب التحليل الكيفي لتلك التأثيرات سوف يقدم هذا البحث نتائج مسح كمي لتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي على عينة من الشباب العماني تمثل كل محافظات السلطنة. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من هذا البحث الاستراتيجي نهاية عام 2019م.

 

 

  1. في رأيك دكتور: كيف يُمكن للبحث العلمي دراسة هذه الوسائل وتقديم الحلول للتأثيرات السلبية لها على المجتمع بمختلف مجالاته؟

 

البحث العلمي غايته الأساسية دراسة الظواهر المختلفة قديمها وجديدها، وهذه الأخيرة تبقى الأهم بسبب علاقاتها وتأثيراتها المباشرة على الأفراد. وكما أشرت سابقا، يعد مجال وسائل التواصل الاجتماعي، مجالا بحثيا جديدا ومتجددا بظواهره وقضاياه المختلفة. من هنا يلعب البحث العلمي دورًا مهمًا في متابعة الظواهر المتعلقة بهذا المجال ومساعدة المجتمع أفرادًا ومؤسسات لتطوير استخدام هذه الوسائل من أجل حياة أفضل. وتحتاج مؤسسات ومراكز البحث العلمي إلى دعم البحث العلمي في هذا المجال؛ نظرًا لكثافة الظواهر المتعلقة به وتطورها المتسارع وخطورة بعضها على الأفراد والمجتمعات. وعند التفكير في تكثيف البحث العلمي في هذا المجال لا ينبغي التركيز فقط على التأثيرات السلبية، بل يجب النظر أيضا إلى توظيف البحث العلمي لاستثمار الفرص التي تتيحها هذه الوسائل في مجالات الحياة المختلفة كالتعليم، والابتكار، والأعمال، والخدمات، والصحة، وغيرها من المجالات. كما لا ينبغي أيضا تجاهل الفرص التي توفرها هذه الوسائل للعمل الإعلامي والمشتغلين به.

 

  1. كباحث في آثار وسائل التواصل الاجتماعي، ما الأدوات والمهارات التي ينبغي أن يمتلكها للوصول إلى نتائج حقيقية؟

 

نحتاج جميعًا كباحثين وطلاب إلى فهم الأطر النظرية والبحثية المتعلقة بتطور وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة أن بعض هذه الأطر لا يزال في طور التشكل والبناء. ونحتاج جميعًا إلى متابعة النتاج البحثي المتعلق بهذا المجال على مستوى العالم، وتطوير مهاراتنا في أدوات جمع البيانات المتعلقة بهذا المجال وتحليلها وتفسيرها.

 

  1. مع انتشار هذه الوسائل خصوصًا لدى النشء في مجتمعنا، هل من أفق مستقبلي لها؟ وهل ستتوقع ظهور وسائل أخرى عنها، أم ستواصل تعددها وتنوعها؟

 

أعتقد أن وسائل التواصل الاجتماعي هي الحاضر والواقع اليوم، وينبغي علينا التعامل معها وتطوير مهاراتنا لتحقيق تعامل أفضل معها، كما ينبغي علينا تعليم قواعد استخدامها وآلياته بشكل أفضل لأبنائنا في المدارس والجامعات وتطوير مهاراتهم من أجل استخدام أفضل لها. وإذا كانت هي الحاضر والواقع اليوم، فإنها ستكون المستقبل أيضا؛ فعلماء الاتصال والتقانة يتوقعون بأن هذه الوسائل مرشحة للزيادة والتوالد مستقبلا. كما أنها ستكون أكثر قدرة وقوة على التغلغل والنفاد إلى جوانب حياتنا المختلفة.

 

  1. كيف ترى مستقبل الإعلام العُماني بشكل عام مع وجود هذه الوسائل وتطورها؟

 

وسائل التواصل الاجتماعي اليوم جزءٌ من مشهد الإعلام ووسائله في العالم، وفي السلطنة أيضا. وفي الوقت الذي لم -ولن- تلغِ هذه الوسائل،علام التقليدي لكنها غيّرتها بشكل كبير جدا، وسوف تواصل تغييرها أو التأثير عليها في اتجاهات مختلفة. أرى مستقبل الإعلام العماني في فهم ظاهرة الاندماج الإعلامي، وتطبيقاتها الفعلية، والعمل تدريجيًا على إلغاء الحدود الفاصلة بين الوسائل الإعلامية، والعمل على إنتاج رسالة تصل إلى الجمهور من وسائل متعددة، لأن الحاضر والمستقبل يشير إلى تعدد الرسائل الإعلامية وتنوع مصادرها؛ فالمؤسسة الصحفية لم تعد كما كانت تقليديًا، مجرد نسخة مطبوعة تصدر بشكل دوري يصل إليها القارئ في منافذ توزيع محددة، لكنها أصبحت نسخة مطبوعة، وأخرى إلكترونية مختلفة وإن حملت الاسم نفسه، إلى جانب قناة إذاعية وتليفزيونية وحسابات في وسائل التواصل الاجتماعي؛ الوسيلة الإعلامية اليوم أصبحت "وسيلة الوسائل". وتبعًا لذلك تحتاج هذه الوسائل إلى الصحفي متعدد المهام أو القادر على العمل في هذه الوسائل جميعا. وعلى الرغم من وجود مبادرات في الإعلام العماني تعكس هذا الفهم للاندماج الإعلامي، إلا أننا بحاجة إلى تطوير هذا الفهم وتطبيقاته المختلفة مستقبلا. ونظرًا لأن الأفراد العاديين تحولوا إلى مؤسسات إعلامية،  ولأن الساحة أصبحت تتسع للعديد من اللاعبين و «المؤثرين»، نحتاج في السلطنة اليوم ومستقبلا إلى إعلام مؤسسي أكثر قوة واحترافية مقابل "إعلام المواطن" الذي سيشهد تطورًا أكبر في المستقبل. ويبقى المستقبل مفتوحًا على الكثير من التوقعات التي تحتاج إلى متابعة وفهم وتطبيق.