جديد البحث العلمي
26Sep

كيف نعزز توجهات طلبة التعليم العالي نحو ريادة الأعمال؟

26 Sep, 2024 | Return|

 


في ظل التغيرات الاقتصادية العالمية والأزمات المالية أصبح موضوع ريادة الأعمال يحظى بأهمية متزايدة، خصوصًا فيما يتعلق بقدرة المشاريع الريادية على امتصاص تداعيات هذه الأزمات واستيعاب الباحثين عن العمل؛ إذ إنها تسهم في تنمية المجتمع العماني من النواحي جميعها؛ فمن الناحية الاجتماعية تستطيع تحويل مخرجات التعليم -خصوصا التعليم العالي- من باحثي عن عمل إلى خالقي فرص عمل، ومن الناحية الاقتصادية، تسهم ريادة الأعمال في زيادة تنافسية المشروعات الكبرى لكونها تمثل صناعات مغذية ومكملة لها. كما تسهم في سد فجوة الطلب المحلي على كثير من السلع. ومن الناحية البيئية، تؤدي هذه المشروعات دورًا في المحافظة على البيئة، وعلى الموارد المحلية الطبيعية البيئية؛ لأن جزءًا كبيرًا من هذه المشروعات يقوم على استخدام مخلفات الصناعات الكبرى وتدويرها، ومن ثم الحفاظ على الموارد القابلة للنضوب.

 

في هذا السياق، أتت دراسة حديثة أجراها الأستاذ الدكتور سعيد بن سليمان الظفري من كلية التربية لتكشف اتجاهات طلبة التعليم العالي في سلطنة عُمان نحو ريادة الأعمال، وتعزى إلى متغيرات الجنس، والمؤسسة التعليمية، والمستوى الاقتصادي للأسرة، والمعدل التراكمي للطالب، والتعرف على مدى امتلاكهم للخصائص الريادية، وتسلط الضوء على التحديات التي تواجههم وتقصي الحلول الممكنة لتشجيع الشباب العماني على الالتحاق بريادة الأعمال.

 

واعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي؛ فقد وُزعت استبانتين على عينة عشوائية طبقية مكونة من 1152 طالبًا وطالبة من مؤسسات التعليم العالي في سلطنة عمان، حيث هدفت الاستبانة الأولى إلى قياس اتجاهات الطلبة نحو ريادة الأعمال، بينما ركزت الثانية على تحديات ريادة الأعمال والحلول الممكنة.

 

وأظهرت النتائج أن هناك اتجاهًا إيجابيًا قويًا نحو ريادة الأعمال بين طلبة التعليم العالي في سلطنة عُمان، وهذا يعكس اهتمامًا متزايدًا بين الشباب العماني لابتكار مشاريع ريادية والإسهام في تنمية الاقتصاد الوطني، وأوضحت النتائج وجود فروق بين الجنسين في بعض أبعاد الاتجاه نحو ريادة الأعمال، مثل الإبداع والاستقلالية؛ حيث أبدت الطالبات مستويات أعلى في هذين البعدين مقارنة بالطلاب، وهذا يشير إلى ميل أكبر لدى الإناث نحو الأفكار الإبداعية والعمل المستقل

 

وأظهرت الدراسة وجود فروق إحصائيّة في اتجاهات الطلبة نحو ريادة الأعمال بجامعة السلطان قابوس، الأمر الذي انعكس من الدعم الكبير المقدّم من الجامعة لتعزيز روح الريادة بين طلابها، وحددت الدراسة عدة تحديات تواجه الشباب العماني في مجال ريادة الأعمال، من بينها التحديات الفنية والإدارية، والتي تشمل نقص المعرفة والخبرة في إدارة الأعمال، بالإضافة إلى التعقيدات القانونيّة والإجرائية وتحديات البيئة الاستثمارية، والتحديات المجتمعية.

 

وبناءً على نتائج الدراسة؛ أوصى الظفري بتعزيز التكامل بين المؤسسات التعليمية والقطاع الخاص لتوفير فرص تدريبية حقيقية للطلاب، إضافة إلى إنشاء مراكز دعم لريادة الأعمال داخل الجامعات تُعنى بتقديم المشورة والتوجيه لرواد الأعمال الشباب. كما شدد الباحث على أهمية تعزيز ثقافة الريادة في المجتمع العماني وتشجيع الشباب على التفكير الابتكاري والاستقلالية في العمل، وزيادة فرص التمويل الميسر للمشروعات الريادية الشبابية، وتقديم التسهيلات في الإجراءات والإعفاء من الرسوم والضرائب في سنوات التأسيس بالتنسيق مع الجهات المعنية جميعها؛ حيث يُمكن من خلال تبني هذه التوصيات توفير بيئة خصبة تُمكّن الشباب من تحويل أفكارهم الريادية إلى مشروعات ناجحة تسهم في بناء اقتصاد مستدام ومتنامٍ.

 

واقترح الباحث عمل دراسات مستقبلية في قياس جودة الخدمات التي تقدمها المؤسسات الداعمة لرواد الأعمال، ودراسة عن فعالية ريادة الأعمال في تحقيق التنمية المستدامة للاقتصاد العماني، وأيضا دراسة عن دور حاضنات الأعمال في نجاح المشروعات الريادية للشباب العماني وتحولها إلى مؤسسات متوسطة وكبيرة.