جديد البحث العلمي
29Dec

منازلنا التقليدية تُلهم تصاميم المنازل الحديثة

29 Dec, 2024 | Return|

تعد المباني السكنية في سلطنة عُمان من أكبر مستهلكي الطاقة بسبب تخطيطاتها المعمارية، والتي قد لا تكون مناسبة لبيئة المنطقة، ومع ذلك ساعدت الهندسة المعمارية التقليدية لآلاف السنين في ضمان أن تكون درجة الحرارة الداخلية أقل من الخارجية، لكن المشكلة التي تواجه المهندسين المعماريين المعاصرين هي أنهم يفتقدون المعرفة اللازمة لإنشاء مبانٍ تشبه المنازل التقليدية، لكن بالعودة إلى دراسة الهياكل التقليدية التي ما تزال قائمة، مثل بيت الخندق أو حارة قصرى، يمكن العثور على الإجابة المنشودة، وذلك في دراسة أجراها الدكتور حيدر مراد خان من كلية الهندسة، حيث سعى إلى أن تكون نتائج الدراسة حاسمة للمهندسين المعماريين ومصممي المباني عند إنشاء تصميمات المنازل المستقبلية.

 

وهدفت الدراسة إلى تقييم فعالية إستراتيجيات التبريد السلبي، بما في ذلك التهوية الطبيعية والكتلة الحرارية للمبنى. كما سعت إلى التحقيق في العلاقة بين النسيج الحضري وقابلية المشي ومكسب الحرارة في المساكن المجاورة، حيث يشكل التفاعل بين المناخ المحلي والنباتات والمسطحات المائية والتظليل عناصر هذه العلاقة. كما أن فحص تأثير المكونات المعمارية المختلفة، مثل تكوين الغرفة وتصميم الفتحات ومصائد الرياح على الراحة الحرارية لسكان المساكن، يمكن أن يؤدي لاختبار أساليب بحثية جديدة، تحديدًا ديناميكيات السوائل الحسابية  (CFD)حيث سيتم استخدامها لمحاكاة مبنى كامل الحجم داخل نفق الرياح في طبقة حدود الغلاف الجوي.

 

واتبعت منهجية الدراسة إجراء تحليل للمساكن التقليدية والنسيج المعماري الحضري والتصميم الهيكلي، شمل ذلك العديد من المساكن والمجتمعات المتنوعة، التي تقع في المقام الأول حول مدينة مسقط نظرًا للكثافة السكانية المرتفعة في تلك المنطقة.

ثم قام الباحثون بمحاكاة بيت الخندق وحارة قصرى باستخدام نموذج ديناميكيات السوائل الحسابية نتيجة للخراب الجزئي الذي لحق بهذه المباني، حيث يمكن للبرنامج محاكاة مجموعة متنوعة من الفيزياء، بما في ذلك الإشعاع الشمسي وتفاعلاته مع الجدران، والتهوية الطبيعية والتبريد بنسيم البحر، والتبخر من المسطحات المائية. كما تم استخدام ديناميكيات الموائع الحسابية مع طبقة حدودية جوية لنمذجة الظروف الحرارية داخل هذه المساكن والممرات، وشملت المحاكاة أوقاتًا وتواريخ عديدة وظروف رياح متنوعة، بما في ذلك السرعة، والاتجاه، ودرجة الحرارة، حيث تمثلت بعض سيناريوهات المحاكاة بمنزل كامل به عدة غرف، بينما تركزت سيناريوهات أخرى على التفاعل بين المجتمع ومساكنه.

 

وأظهرت نتائج المحاكاة وجود ارتباط وثيق بين تصميم المنزل والظروف الحرارية الداخلية، التي تتأثر بموقع الغرفة في المنزل، حيث يؤدي قلب المبنى دورًا مهمًا خصوصًا في المنازل التقليدية، وتبين أن الراحة الحرارية داخل المسكن تعتمد بشكل أساسي على تدفق الهواء، حيث يسهم ارتفاع سرعة الهواء في تعزيز الراحة الحرارية. كما أن فتحات السقف بتصميمات وأشكال متنوعة تعمل على تحسين تدفق الهواء، مما يساعد على تبريد السقف خلال النهار وتعزيز دوران الهواء البارد ليلًا.

 

وأظهرت الدراسة فعالية تقنيات التبريد السلبي في القرى التقليدية، مثل النباتات وقنوات المياه (الأفلاج)، التي يمكن أن تخفض درجة حرارة الهواء الداخلي بمقدار 2 إلى 5 درجات مئوية، لكن فعالية هذه التقنيات تتراجع عند زيادة سرعة الرياح عن 3 م/ث، وتبرز الحاجة إلى توثيق الظروف الحرارية داخل المنازل التقليدية وتحليل مستويات الراحة الحرارية المقابلة لها. كما بينت الدراسة أن اعتماد التصميمات المناخية المستجيبة في التطوير الحضري المعاصر في سلطنة عُمان، خصوصًا عبر تخفيض حرارة الهواء من خلال مسارات الظل وتعزيز الغطاء النباتي حول الأبنية، يمكن أن يكون مجديًا في تحسين الراحة الحرارية.

 

وخرجت الدراسة بتوصيات حول توسيع عمليات توثيق الظروف البيئية الحرارية ومستويات الراحة في المنازل التقليدية، لتشمل مواقع مختلفة كظفار، بهدف تحديد الأنماط الحرارية المتنوعة. كما أوصت بدراسة تأثير استخدام مواد وتقنيات بناء حديثة مع التصاميم التقليدية، مثل مواد تغير الطور، التي يمكن أن تساعد في تخزين الحرارة بشكل أكثر كفاءة وأقل تكلفة من المواد الكثيفة التقليدية. بالإضافة إلى تطبيق تقنيات التصميم المستجيبة للمناخ في مشروعات التطوير الحضري بسلطنة عمان، مع التركيز على خفض درجات الحرارة من خلال زيادة المساحات المظللة وزيادة الغطاء النباتي حول المباني، مما يسهم في تحسين مستويات الراحة الحرارية وتحقيق استدامة بيئية.