جديد البحث العلمي
22Dec

العلاج بالهرمونات البديلة ليس الحل الوحيد

22 Dec, 2022 | Return|

العلاج بالهرمونات البديلة ليس الحل الوحيد: الإجهاد التأكسدي وتراكم الحديد قد يحددان مدى خطورة إصابة النساء بأمراض القلب 
هناك اعتقاد شائع بأن النساء أقل عرضة للإصابة بامراض القلب مقارنة بالرجال، ولكن بحسب جمعية القلب الأمريكية، فإن أمراض القلب تتسبب في وفاة واحدة من كل ثلاث نساء سنوياً على مستوى العالم، وهذا ما يعادل امرأة واحدة في كل دقيقة حيث تزداد معدلات الاعتلال والوفيات بشكل كبير مع تقدم العمر.
وبالرغم من العبء الذي تشكله أمراض القلب على الفرد والمجتمع إلا أنه يمكن الوقاية منها إلى حد كبير، إذ خلصت تقارير منظمة الصحة العالمية وغيرها إلى أنه يمكن تجنب الإصابة عن طريق التشخيص المبكر والتحكم بعوامل الخطر مثل التدخين والضغط والكوليسترول. لكن فيما يتعلق بالنساء لا زال هناك ارتفاع حاد في معدلات الإصابة بعد انقطاع الطمث مما أدى الى تحديث إرشادات الوقاية المتعلقة بأمراض القلب لدى النساء.
وفي تقرير الكلية الأمريكية لأمراض القلب كثير من الدراسات تعزي الارتفاع الحاد في الإصابات إلى زوال التأثيرات الوقائية للهرمونات الأنثوية بعد انقطاع الطمث من خلال الدراسة يمكن وضع مفهوم أوسع وهو أن هناك ما هو أكثر من التأثيرات الهرمونية الوقائية المباشرة بحيث أن المرأة بعد سن اليأس لا تتعرض فقط لتغيرات هرمونية وإنما إلى تغيرات فيزيولوجية، ونفسية، وكيميائية كثيرة مستقلة تزيد من احتمال تعرضها لأمراض القلب.
وهذا المفهوم تم تعزيزه بالتجارب العملية والسريرية حيث لم تثبت التقارير الأخيرة الصادرة عن مبادرة صحة المرأة وغيرها أن العلاج بالهرمونات البديلة يوفر الحماية ضد أمراض القلب والأوعية الدموية لدى النساء. لذلك لابد من إجراء دراسات اشمل لتحديد المزيد من عوامل الخطر، ومن الجدير بالذكر أنه من الممكن أحيانا أن تكون أعراض الجلطة القلبية عند النساء خفية، وغير مألوفة كالغثيان، والدوخة، وآلام الظهر، مقارنة بما يعرف عند الرجال المتمثلة في آلام الصدر. لذا فإن ناقوس الخطر لا يدق لدى النساء عند احتمال تعرضهن لجلطة قلبية. 
أما بالنسبة لتحديد عوامل الخطر لدى النساء فلم يعلن بعد عن تدابير تشخيصية أو وقائية خاصة بالمرأة. ومن أسباب ذلك قلة مشاركة النساء في الأبحاث السريرية إلى يومنا هذا ويعزى ذلك إلى أن التغيرات الهرمونية والفسيولوجية لدى النساء من المتوقع أن تؤثر على اتساق وموثوقية نتائج الأبحاث مما يؤثر على تحديد عوامل الخطر والعلامات التشخيصية. لكن في ضوء المعدلات المرتفعة للوفيات والإصابة بمرض القلب لدى النساء، فإن تحديد عوامل الخطر مبكرا أمر بالغ الأهمية. 
يهدف البحث الذي تم إجراؤه في جامعة السلطان قابوس، والممول من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والإبتكار إلى زيادة مشاركة النساء من جميع الفئات العمرية في أبحاث القلب والأوعية الدموية خاصة النساء الأكبر سنًا، وكذلك، اتباع منهجية هدفها التقليل من تأثير الاختلافات الهرمونية الأنثوية على نتائج الأبحاث، إذ تم اعتماد طريقة جديدة تركز على جمع عينات الدم خلال المرحلة التي تكون فيها الهرمونات الأنثوية في أدنى مستوياتها، وتكون الاختلافات الهرمونية ضئيلة (بداية المرحلة الجرابية) عند النساء دون سن اليأس. مما يتيح الحصول على نتائج أكثر موثوقية وقابلة للمقارنة بين الفئات العمرية المختلفة، تتجاوز نسبيا التأثيرات الهرمونية المتغيرة. بناءً على ذلك، تم قياس أكثر من 30 معيارًا في الدم وقياسات الجسم المرتبطة بمخاطر القلب والأوعية الدموية عند النساء العمانيات قبل (عدد = 223) وبعد انقطاع الطمث (عدد = 118). 
وأظهرت نتائج البحث بوضوح أن علامات الإجهاد التأكسدي، وهو من السمات الأساسية المرتبطة بتصلب الشرايين المؤدي لمرض القلب، تظهر اختلافات كبيرة بين النساء قبل وبعد سن اليأس، إذ كانت مؤشرات الإجهاد التأكسدي، خاصة الهوموسيستين والفيريتين (مخزون الحديد) وغيرها، أعلى بدلالة إحصائية ملحوظة في النساء بعد سن اليأس. من ناحية أخرى، كانت علامات مضادات الأكسدة الوقائية الرئيسية (الجلوتاثيون والثيولز) أقل بشكل ملحوظ في النساء بعد سن اليأس، كما أظهرت نتائج أخرى أن نقصان الثيولز الواقي في الدم مرتبطً بخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية المستقبلية عند النساء.
تسلط هذه النتائج الضوء على أن النساء الأكبر سنًا يتأثرن بشكل ملحوظ بزيادة الإجهاد التأكسدي، مقارنة بالنساء الأصغر سنًا اللائي يتمتعن بحماية كبيرة  من خلال العوامل المضادة للأكسدة في الدم. علاوة على ذلك، كان الكوليسترول الضار والبروتين المرتبط بالريتينول RBP-4، وهو من علامات الخطرالأيضي، من أعلى المؤشرات التي ارتبطت ارتباطًا وثيقًا بمرحلة الانتقال إلى سن اليأس وارتبط RBP-4  إلى حد كبير بتراكم الدهون الحشوية لدى النساء. نري أن الهرمونات الأنثوية وإن كان لها أثر كبير في حماية قلوب النساء فإن انخفاضها ليس العامل الوحيد في تعرض النساء للخطر وإنما عوامل أخرى مستقلة مثل الإجهاد التأكسدي وتراكم الحديد التي قد تكون عوامل فارقة في تحديد مدى خطورة الإصابة بأمراض القلب عند النساء. 
إن تحديد عوامل الخطر بشكل مبكروالأخذ بأسباب الوقاية في الوقت المناسب من ممكن أن يحمي الكثير من النساء من خطرخفي مميت. هذا المفهوم والمنهجية الجديدة قد تسفر عن رؤى جديدة حول كيفية تحديد أولويات الاستراتيجيات الوقائية عند النساء. نأمل أن تسلط هذه النتائج الضوء على تقييم عوامل خطر جديدة باستخدام هذا النهج وإدراج المزيد من النساء في أبحاث القلب لإعطاء تقييم أوضح لعوامل الخطر القلبية الوعائية والأيض التي تحجبها التغيرات الهرمونية وغير مرتبطة بها.
الجدير بالذكر أنه تم دعوة الدكتورة جمانة صالح من قبل مجلة نيتشر Nature لنشر مقال يسلط الضوء على هذا المفهوم وتم نشره كذلك في ساينتيفيك أميريكان Scientific American، بالإضافة إلى الإشارة  لهذه الدراسة في المجلة الأسترالية The Brilliant. كما عرضت بعض نتائج البحث في الندوة الدولية التاسعة عشر لتصلب الشرايين في اليابان2021 وسابقا في جامعة السوربون في باريس، ومؤتمر الأكسدة العالمي الذي أقيم في جامعة السلطان قابوس، وفي مجلات محكمة.


لمزيد من التفاصيل عن الدراسة:
https://www.nature.com/articles/d41586-021-01458-1