جديد البحث العلمي
03Jun

الزيتون العُماني: من الجبل الأخضر إلى أسواق العالم 

03 Jun, 2025 | Return|

 

على امتداد الجبال العُمانية، وتحديدًا في الجبل الأخضر وجبال الحجر الغربي، تنمو أشجار الزيتون في مشهد زراعي متجدد يعكس رؤية طموحة لتعزيز الأمن الغذائي وتنويع مصادر الدخل، وقد بدأت هذه الرحلة في التسعينيات، عندما أُدخِلت 10,000 شتلة من أصناف مختلفة، وسرعان ما أثبت بعضها قدرة على التأقلم مع المناخ المحلي؛ مما فتح الباب أمام زراعة الزيتون كقطاع واعد. 

لم يقتصر النجاح على الزراعة فحسب، بل امتد ليشمل الإنتاج، حيث شهد إنتاج الزيتون في سلطنة عمان نموًا ملحوظًا، متجاوزًا 83 طنًا، مع إنتاج 10,000 لتر من زيت الزيتون في عام 2022م، ورغم هذا التقدم، ما يزال الطلب المحلي يفوق الإنتاج، حيث تجاوز الاستيراد أكثر من 24,000 طن بين عامي 2020 و2022م؛ الأمر الذي يعكس الحاجة إلى تعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الفجوة بين العرض والطلب. 

واستجابةً لهذا الواقع، أدّت المؤسسات المعنية دورًا محوريًا في دعم المزارعين، بدءًا من توفير الشتلات مجانًا، مرورًا بالبرامج التدريبية، ووصولًا إلى إنشاء معاصر متطورة تسهم في رفع كفاءة الإنتاج، وقد أثمرت هذه الجهود عن ارتفاع عدد أشجار الزيتون إلى 20,000 شجرة، مع اكتساب زيت الزيتون العُماني سمعة متزايدة لجودته العالية ونكهته الفريدة في الأسواق الإقليمية والدولية. 

لكن النمو المستدام لهذا القطاع يتطلب التغلب على تحديات عدة، وهو ما يسعى إليه الأستاذ الدكتور راشد بن عبدالله اليحيائي من كلية العلوم الزراعية والبحرية في مشروعه الإستراتيجي، الذي يهدف إلى تحديد المناطق الأكثر ملاءمة لزراعة الزيتون بناءً على العوامل المناخية وتوفر الموارد المائية. كما يعمل على اختبار وإدخال أصناف جديدة ذات إنتاجية عالية، مع تقديم أفضل الممارسات الزراعية للمزارعين، من التقليم إلى الري والتسميد؛ لضمان تحسين الإنتاجية والجودة. 

ولا يقتصر الابتكار على الإنتاج التقليدي، بل يمتد إلى استثمار المنتجات الثانوية مثل أوراق الزيتون ولب الثمار المعصور (التفلة)، التي تشكل حاليًا فرصة مهدرة يمكن تحويلها إلى منتجات ذات قيمة غذائية ووظيفية مضافة. كما يسعى البحث إلى تحسين كفاءة وحدات المعالجة وتقديم حلول اقتصادية مستدامة لمواجهة التحديات التشغيلية. 

وتمثّل هذه الجهود خارطة طريق نحو تعزيز قطاع شجرة الزيتون في سلطنة عمان، ليس فقط لتحقيق الاكتفاء الذاتي، بل أيضًا لترسيخ مكانة السلطنة كمشارك رئيسي في سوق الزيتون الإقليمي؛ بما يُسهم في تحقيق الأمن الغذائي ودعم الاقتصاد الوطني من خلال قطاع زراعي مستدام ومبتكر