جديد البحث العلمي
03Mar

بالبحث العلمي نستطيع رفع مستوى الرياضة العمانية

03 Mar, 2024 | Return|

 

عُرفت سلطنة عمان لسنوات عديدة بأنها منجم للمعادن الرياضية الذي يرفد مختلف الرياضات العالمية، لكن للأسف الشديد لم تلقَ هذه الخامات الحاضنة الحقيقية التي تتبنى مستقبلها الكفيل بتحقيق الميداليات العالمية، وهنا إشارة إلى وجود الهوة بين واقع الإنجاز الرياضي والرياضة كعلم قائم بذاته.

 

منذ ولادة الرياضة في سلطنة عمان لم نسمع يوما بأن هناك منظومة للانتقاء الرياضي يتبناها المعنيون بذلك، ولم نسمع بإعلان يدعو الموهوبين إلى التنافس في اجتياز الاختبارات الميدانية والمخبرية التي تفاضل بين المتقدمين لتمثيل رياضة معينة، بل حتى ونحن في عام 2023 لم نسمع بأن لاعبًا اجتاز الفحوصات المخبرية التخصصية قبل انتسابه لرياضة بعينها سواء الفردية أم تلك الجماعية، وهي الركيزة الأساسية التي يجب أن تقوم عليها منظومة اختيار اللاعبين لأي رياضة بغض النظر عن التكلفة المالية؛ إذ إن تحقيق البطولات وكسر الأرقام لا يأتي بالمجان بل هي نتائج سلسلة تراكمية من الدعم المالي للجوانب الإدارية والفنية والصحية.

  

المعطيات الجلية للواقع الرياضي في سلطنة عمان بعيدة جدا عن سقف الطموح الواجب تجليه في رؤية عمان 2040. وهنا تجدر الإشارة إلى أن تحقيق المستويات المتقدمة في المجال الرياضي لا يأتي بـ "البركة" بل هو نتاج لمنظومة علمية تبدأ خطواتها الأولى بخبرات المختصين الأكاديميين والفنيين والإداريين الذين يرفدون المؤسسات الرياضية بالكفاءات المعرفية والتطبيقية من أجل إيجاد منظومة رياضية متكاملة تعتمد على ما هو متاح من قواعد لبيانات اللاعبين وبنك معلوماتي يسمح للباحثين والمدربين والمحللين متابعة سير الأداء، وتقييم مراحل الإنجازات، واتخاذ القرارات الصائبة حيال تشكيل الوحدات التدريبية، والتعامل بمثالية لحالات الإخفاق الرياضي، أو عند إعداد برامج التأهيل العلاجي للإصابات الرياضية، إلى جانب تقييم حالة اللاعبين الرياضية قبل وأثناء وبعد الموسم الرياضي، ومن المؤسف القول بأن جُلَّ هذه القراءات قد تكون مفقودة في الميدان الرياضي. 

 

وعليه؛ كان لا بد من إعادة النظر في طريقة التعاطي مع مستقبل الرياضة العمانية من أجل إعداد إستراتيجية عملية طموحة تسهم في بناء منظومة متكاملة مجردة من الأهواء الشخصية والمحسوبية العقيمة التي لا تغني ولا تسمن من جوع، بل هي سبب التراجع المزمن الذي يجثو على طموح الشارع العماني المتعطش للإنجاز العالمي والذي ينبذ فكرة "المشاركة من أجل المشاركة " التي أصبحت عذر من لا حيلة له؛ ففاقد الشيء لا يعطيه.

 

ونشهد الآن تنافس دول العالم المتنامي في صناعة الرياضة بشقيها التنافسي والسياحي بصورة متسارعة ومذهلة، حيث أُجبرت هذه الدول على إعادة النظر في آلية الانتقاء والتدريب والتأهيل في ضوء الأبحاث والاختبارات ونتائج المنافسات العالمية.  وبالرغم من ذلك وبعيدًا عن المبالغة في جلد الذات؛ فإن النظرة التفاؤلية تقودنا للقول "أن تأتي متأخرًا من أجل التغيير خيرٌ من ألا تأتي أبدًا"؛ فالرغبة في التطور قرار من أجل تحقيق الانتصار. 

 

د.خليفة بن مبارك الجديدي 

أستاذ مساعد قسم التربية البدنية وعلوم الرياضة

كلية التربية، جامعة السلطان قابوس