16Sep
تجربة واعدة لاستصلاح أراضينا المتأثرة بالملوحة
تواجه الأراضي الزراعية حول العالم تهديدًا متزايدًا بسبب ملوحة التربة، حيث يعاني أكثر من مليون هكتار من التدهور نتيجة هذه الظاهرة، وفي سلطنة عُمان، تأثرت حوالي 44% من الأراضي الزراعية بالملوحة، خصوصًا في شمال الباطنة وجنوبها؛ ما يشكل خطرًا مباشرًا على المحاصيل الزراعية، وبالتالي على الأمن الغذائي الوطني.
ما حدث لم يكن ليمر على الدكتور أحمد بن راشد الربيعي الذي أجرى أبحاثه في كلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس ضمن برنامج الدكتوراه في قسم التربة والمياه والهندسة الزراعية، وقد ركزت دراسته على التأثيرات التآزرية لاستخدام الفحم الحيوي مع الكبريت العنصري في استصلاح التربة المالحة.
ورغم أن الفحم الحيوي أثبت سابقًا فاعليته في تحسين التربة، إلا أن خصائصه الفيزيائية والكيميائية تتأثر بعوامل عدة منها نوع المادة الخام ودرجة حرارة التحلل الحراري. كما أن طبيعته القلوية قد تمثل عائقًا إضافيًا في الأراضي القلوية المنتشرة في سلطنة عُمان، ويُعد الدمج بين الفحم الحيوي والكبريت إستراتيجية فعّالة للتحكم في قلوية التربة وتحسين خصائصها الفيزيائية والكيميائية؛ ما يجعل منه خيارًا واعدًا لدعم الزراعة المستدامة في البيئات الجافة والمالحة.
وللتغلب على التحديات في الأراضي المتأثرة بالملوحة، صمم الباحث دراسة بحثية متقدمة نُفذت عبر أربع مراحل رئيسية؛ بدأت بتحليل الخصائص الفيزيائية والكيميائية والميكروبية للفحم الحيوي المنتج من ثلاثة مصادر متوفرة (مخلفات أشجار النخيل، ونبات المسكيت، وسماد الحمأة) باستخدام ثلاث درجات حرارة مختلفة من التحلل الحراري، وفي المرحلة الثانية تم تحسين جودة الفحم الحيوي لاستخدامه في الأراضي القاحلة، من خلال معالجته بالكبريت العنصري ودمجه بالسماد العضوي أو السماد الدودي، وتركه للتنشيط البيولوجي لمدة 50 يومًا، وبعدها في المرحلة الثالثة تم تقييم تأثير الفحم الحيوي المعالج وغير المعالج على الخصائص الفيزيائية والكيميائية والميكروبية للتربة المالحة، وانتهت المرحلة الأخيرة من الدراسة بالتطبيق الزراعي لتحديد تأثير الفحم الحيوي بنوعية المعالج وغير المعالج على رشح الأملاح واستجابة النباتات في ظل الري بمياه مالحة.
وخلصت الدراسة إلى أن اختيار المادة الخام ودرجة حرارة التحلل الحراري هما عاملان مهمان في إنتاج فحم حيوي فعّال. كما أن دمج الفحم الحيوي مع الكبريت والسماد العضوي يُعد نهجًا مستدامًا واعدًا لتحسين خصوبة التربة في الأراضي القاحلة والمتملحة.
وقد أظهرت النتائج أن استخدام الفحم الحيوي المعالج مع الكبريت زاد من نمو النبات وخصوبة التربة بنسبة تصل إلى 200%. بينما أسفر تعديل التطبيق المباشر عن تحسينات إضافية بنسبة 50% مقارنة بالفحم غير المعالج.
وتُبرز نتائج هذه الدراسة الإمكانات الكبيرة لاستخدام الفحم الحيوي المعالج بالكبريت ضمن برامج استصلاح التربة في سلطنة عُمان، حيث أسهم هذا المزيج في تحسين خصوبة التربة وتعزيز إنتاجية المحاصيل، بالإضافة إلى تقليل آثار الملوحة بصورة ملحوظة.