أخبار الجامعة
17Jan

هل الميتافيرس فوق القانون؟

17 Jan, 2024 | 0 Comments | Return|

يعتبر الميتافيرس مدلولٌ لتوصيف الواقع الافتراضي، والذي يحتمل أن يتفاعل معه العديد من الأفراد في بيئة ثلاثية الأبعاد، وهذا العالم الافتراضي هو مستقبل الإنترنت. وقد لا يدل مدلول "الميتافيرس" بالمعنى والمفهوم الواسع إلى العالم الافتراضي فقط، ولكنه قد يشير إلى شبكة الإنترنت ككل، بما في ذلك النطاق الكامل للواقع المعزز، كما تظهر المخاوف بشأن دورها فـي إعادة العلاقات الإنسانية وتراجعها. ويتناول موضوع تقنية الميتافيرس في نظام العدالة الجنائية العديد من التحديات القانونية، لما تطرحه هذه التقنية من قضايا جنائية معاصرة يتعين معالجتها. في هذا الجانب يتحدث الدكتور عمر عبد المجيد عبد الحميد مصبح _أستاذ مساعد بكلية الحقوق_عن بحثه حول تقنية الميتافيرس في نظام العدالة الجنائية.

 

هل نحن بحاجة إلى إعادة تفكير؟

ما الإشكالية التي من الممكن أن تثيرها هذه التقنية المعاصرة؟ يجيب الدكتور عمر عبدالمجيد عن هذا السؤال ويقول "تسعى تقنية الميتافيرس إلى أن تكون تمثيلًا ماديًا للإنترنت، حيث يمكن للمستخدمين تجربة العوالم الرقمية بصورة أوسع، سواء من خلال المرئيات ثلاثية الأبعاد (عبر سماعات الواقع الافتراضي) أو ماديًا (عبر واجهات لمسية). ولا تقدم جميع أنظمة الواقع الافتراضي الموجودة في السوق اليوم الاندماج الرقمي المرئي فحسب، بل توفر أيضًا مستشعرات لمسية تمكن المرء من اكتشاف الأشياء والاستيلاء عليها في البيئات الافتراضية مع احتمالية تحمُّل المجتمع أعباء جديدة ترتبط بتهديدات الأمن والخصوصية للأفراد، وتنامي الجريمة الإلكترونية عبر الفضاء الرقمي".

مشيرًا إلى أن تقنية الميتافيرس تكتسب أهميتها من أهمية التحديات الجزائية المصاحبة لاستخداماتها في العدالة الجنائية، حيث تستهدف هذه التقنية تطوير بيئة رقمية تفاعلية تسير بالتوازي مع الواقع المادي، ويأتي هذا في ظل تصاعد اتجاه الدمج بين البعد المادي والرقمي والبيولوجي للإنسان، وتحويل ذلك إلى معطيات وبيانات ذات أبعاد استراتيجية. وهكذا، تثير هذه التقنية المعاصرة إشكالية محورية تتمثل بـ"هل سيكون نظامنا للعدالة الجنائية المادية فعالاً في العالم الافتراضي الميتافيرس، أم أننا بحاجة إلى إعادة التفكير في طبيعة النصوص الجزائية؟".

 

جرائم مستحدثة

وعن أهميتها يقول الدكتور عمر عبدالمجيد "تبرز أهمية الميتافيرس بجلاء باعتبارها تكتسي أهمية قانونية واجتماعية، بارتباطها بنوع من الجرائم المستحدثة، والتي تتطور بصورة متسارعة. ولذلك، فإن الإطار التنظيمي الذي سيحكم تصرفات الأفراد في ذلك العالم يعتبر أحد التحديات لعدم توائم القوانين واللوائح الحالية وضعف جاهزية البنية التشريعية والتنظيمية بشأن الممارسات والسلوكيات المخالفة، وإجراءات ملاحقة وضبط مرتبكي الجرائم والانتهاكات غير القانونية في الميتافيرس التي تمتد آثارها إلى العالم الحقيقي."

   

أثر تقنية الميتافيرس

وللميتافيرس آثار عدة يسردها الدكتور عمر عبدالمجيد " تكمن المخاوف بشأن أثر تقنية الميتافيرس في إعادة بناء طبيعة العلاقات الإنسانية، مع إمكانية التأثير على أفراد المجتمع وتحميله أعباء جديدة من خلال تهديدات الخصوصية وتنامي الإجرام المعلوماتي عبر البيئة الافتراضية، والتي سيكون لها أثر في التأثير الوجداني والمعرفي والإدراكي والسلوكي للملاين من المستخدمين، بما يسهم في تشكيل اتجاهاتهم وميولهم ومواقفهم".

 

التقدم التكنولوجي والبنية القانونية

ويشير الدكتور عمر إلى أن هناك اعتقاد بأنه لا توجد قوانين جزائية لمعالجة إشكالات تقنية الميتافيرس، في حين أنه ليس من المعتاد أن يكون هناك فراغ تشريعي، فعندما يكون هناك تطور سريع لتكنولوجيا ناشئة، فمن المهم ملاحظة أن الميتافيرس ليس فوق القانون؛ فالتشريعات الجزائية في مكافحة غسيل الأموال، وحماية البيانات، والتشهير والتحرش الجنسي والمقامرة والتنظيم المالي، قابلة للتطبيق بالفعل على الميتافيرس.  

ويضيف " إن تنظيم تقنية الميتافيرس تخضع إلى حد كبير لقوانين تقنية المعلومات الحالية وقوانين العالم الحقيقي، ومن أجل تطبيق القانون على الوقائع المعاصرة، ولتطوير سياسة التكنولوجيا والبنية التحتية القانونية اللازمة لتشجيع التقدم التكنولوجي وحماية مصالح المستهلكين في نفس الوقت، لابد من متابعة التطور التقني المعاصر، فهناك تطور الفقه القانوني في معالجة الجانب القانوني لتطبيقات تقنية الميتافيرس، أضف إلى ذلك فحص وتحليل كيفية تطور الاتجاهات القانونية الناشئة المتعلقة بـ الميتافيرس وجوانب تطورها مستقبلاً".

 

توصيات بحثية

وخلال بحثه يقدم الدكتور عمر عبد المجيد عددًا من التوصيات المثارةِ التي تتجلى في: أولاً، يتعين أن تتضمن القوانين الجزائية حماية حق الخصوصية من حيث جمع المعلومات الحساسة على الظروف التي يكون فيها ذلك ضروريًا للغاية، مع إلزام المستخدمين بتقديم موافقة صريحة إيجابية قبل جمع البيانات وأي عمليات نقل محتملة للبيانات إلى أطراف ثالثة، للتحكم الفعال في تقنية الميتافيرس، ويتعين أن يعطي قانون حماية البيانات الشخصية حق الخصوصية الأولوية للتنظيم الصارم لممارسات جمع البيانات وتعزيز حقوق خصوصية البيانات الحيوية، لذلك يدعو البحث المشرع العماني إلى اتخاذ خطوات استباقية ومتسارعة في إصدار النصوص التنظيمية للسلوكيات غير المشروعة في الميتافيرس.

كما يوصي البحث المشرع العماني بالتدخل مباشرة من خلال إضافة نص في قانون حماية البيانات الشخصية الجديد، لمنع أي نوع من تشتت البيانات غير الصحيحة بين مستخدمي الميتافيرس وخاصة الأطفال، للتأثير على عقليتهم وسلوكهم لخدمة أهداف إجرامية معينة. وتأتي التوصية الثالثة بضرورة وضع آليات للمواجهة والحاجة لتبني خطوة استباقية من لدن المشرع والقائمين على إنفاذ القانون لمواجهة هذا الخطر من خلال سن تشريع وإجراء تعديلات على قوانين مكافحة تقنية المعلومات وحماية البيانات الشخصية، وضرورة الالتزام باستخدام التوقيع الإلكتروني لإحكام السيطرة على المعاملات التي تتم من خلال الميتافيرس، ووضع اشتراطات وقواعد قانونية لحصول الشركات العاملة في مجال الميتافيرس على تراخيص لمزاولة عملها مع وضع مسؤولية جنائية عليها حال مخالفة هذه الشروط والقواعد، ووضع خطط لحماية مستخدمي الميتافيرس.

Related

تعاون بين الجامعة ومعهد الجزيرة للإعلام

تعاون بين الجامعة ومعهد الجزيرة للإعلام

 وقعت جامعة السلطان قابوس ممثلة بدائرة التواصل والإعلام ومعهد الجزيرة للإعلام رسالة تعاون بشأن التعاون في ...

Read More >
جماعة المسرح تحصد جوائز في مهرجان المسرح الكوميدي

جماعة المسرح تحصد جوائز في مهرجان المسرح الكوميدي

كتب/ عبدالله المسكريضمن فعاليات مهرجان المسرح الكوميدي الذي نظمته جامعة الشرقية، قدمت جماعة المسرح بجامعة ال...

Read More >
متحف الآثار مركزا فكريا يتحاور فيه الماضي مع الحاضر

متحف الآثار مركزا فكريا يتحاور فيه الماضي مع الحاضر

كتبت/ سارة بنت عبدالله السليمانيةافتتح صباح اليوم الإثنين متحف الآثار بكلية الآداب والعلوم الاجتماعية تحت رع...

Read More >
تقليل صرف الأدوية مشروع تحسيني بالمستشفى

تقليل صرف الأدوية مشروع تحسيني بالمستشفى

استطاع فريق من قسم الصيدلية بمستشفى جامعة السلطان قابوس تقليل متوسط صرف الأدوية في صيدلية العيادات الخارجية ب...

Read More >
QS: المرتبة ٣٧٥ للجامعة!

QS: المرتبة ٣٧٥ للجامعة!

أحرزت الجامعة إنجازًا جديدًا في مجال التصنيف العالمي للجامعات “كيو إس”؛ إذ وصلت إلى المرتبة 375 عالميًّا للعام 2021، وجاء هذا الترتيب من أصل 1047 جامعة حول العالم مسجلة ضمن هذا التصنيف.

Read More >
دورة التقنيات المساعدة للفصول الدراسية الشاملة لأعضاء هيئة التدريس

دورة التقنيات المساعدة للفصول الدراسية الشاملة لأعضاء هيئة التدريس

نظمت جامعة السلطان قابوس دورة "التقنيات المساعدة للفصول الدراسية الشاملة" لأعضاء هيئة التدريس، لتزويدهم...

Read More >